Saturday, June 7, 2008

بينما كنت عائدة

بينما كنت عائدة
كنت أوضب مقتنياتي عندما وجدت قوفع بحر أعطاني اياه جدي. تذكرت قوله لي بأنه من شاطئ الوطن و بحر يافا. ما كان مني الا أن وضعته قرب أذني لأسمع ذلك الصوت الجميل بروعته, صوت الأمواج المتراقصة مع الرياح.
لم يحملني صوت البحر الى أي مكان كما كان الجميع يقول, قالوا انه حملهم الى مكان من نسج الخيال حيث لم يذهبوا و لن يذهبوا. قالوا انهم ذهبوا معه الى السماء و الى أعماق البحار و قالوا و قالوا وما أكثر ما كانوا يقولون. أما هذه المرة المرة فصعد بي صوت البحر ألى جنة تقع على أرض الواقع ........في الوافع هي وطني.
حملني صوت البحر الى مكان عهدته من قبل, حملني الى يافا حيث البحر الأبيض المتوسط ذو الزرقة المنفردة و الرمال البيضاء,هناك
حيث السماء لها لون اّخر, والشجر له ثمر اّخر, هناك حيث البرتقال له طعم اّخر و الحياة لها وقع اّخر. في يافا, تجد في الربيع و الطرقات قد نثرت بالورد و الفل, و في الشتاء قد غسلت من أوراق الخريف المبعثرة. أما في الصيف حيث يروي البحر عطش الرمال الحارة, و دفء الشمس, و أي شمس ادفئ من شمس فلسطين. و عدى هذا كله, حتى يافا أصبحت وطنا اّخر.
أذكر عندما خرجنا من تلك البلاد و الدموع قد جرفت كل ما رأته عيناي الا جمال حيفا و يافا. و ليته غسل من ذاكرتي هو الاّخر كي لا أتحسر عليه أكثر. و في طريقي الى حيث سأتخذ لنفسي موطنا لأتناسى وطني الذي ما لبث حتى أن أصبح حلقة يلتقي بها النار مع النار بعد أن كان جنة من جنات الله على أرضه. أذكر أننا تركنا أقاربنا الذين قرروا اتخاذ أوطان أخرى. أذكر تجمعنا كل يوم جمعة عند جدي أو "سيدو". أذكر ذهابنا سوية الى البحر مع أبناء عمومتي. لم نكن نعلم أن ذلك البحر سيصبح يوما ما سرابا نلاحقه. لم اعلم أن يوما ما سيصبحون من بلد اّخر. لم أعلم أننا سنفترق و يذهب كل منا في درب بعد ان كان لنا دربا واحدا لا فروع له.
اتخذ والدي شرق الأردن وطنا, و اتخذ جدي سورية وطننا, و اتخذ عمي لبنان وطنا, أما أنا فاكتفيت باتخاذ فلسطين في قلبي وطنا....
احترمت حفاوة أهل البلاد الجديدة , ولكني أذكر حب حيراني لنا.هم أيضا لم تستطع الأيام محو صورهم من ذاكرتي. فقد كونوا جزءا كبيرا من حيفا و يافا و عكا, و مع أن حسرتي على يافا التي ضاعت كبيرة الا أن حسرتي على ترحيبنا بالسفن الاتية من بلاد لم أعلم أين وجدت كانت أكبر, فقد كان الأجانب يتدفقون على أرضنا, و كنا نرحب بهم. لكن ضيفنا الذي شاركناه طعامنا و شرابنا أعاد لنا الصحن فارغا, لا بل حتى الصحن بدأ يطالب به.
التقيت بأناس على طريق الأردن ...... كانوا من بيسان, كانوا مهاجرين, بيسان الاخرى كانت جنة مثل يافا. بيسان ايضا أصبحت مهجورة بعد أن تركها أهلها.
لم أتقبل فكرة التغرب عن وطني لأكثر من ثلاثة أعوام. كان يقول لي ابي أننا عائدون, ظل يقول و يردد أننا سنعود. جاءت كارثة 48 و هجرة 67 و جاء اتفاق وولى اتفاق, و مازال يقول لي اننا سنعود. ما قاله كان بالفعل صحيحا و عدت الى وطني مع صوت البحر,لكن الى متى سيبقى صوت البحر هو طريق عودتي الوحيد؟ الى متى و منذ متى و الى أين.........تفنى الأسئلة و يبقى سؤال واحد..... متى ستخرج يافا من سجنها ... من قوقعة الذاكرة؟

رقية فاروق طبيلة

2 comments:

  1. Aloha! gr8 blog keep up the good work =)
    Loving it so far good luck with it & studying
    miss u

    ReplyDelete
  2. Aloha ,,, thanks ,, a bit late :-D miss ya

    ReplyDelete