نظرت الى المحتل و وجدته يقلع أشجار بلادي ... و رؤوس أحفادي... وجدته يجدد ذخيرة البندقية و عيناه على حياتي التي تزهق من بين أضلاعي... ليحررها هو بطلقة. هذا هو المحتل ... يتكلم غير لغتي ... لا يشبهني ... لا يزرع في أرضي ما زرعه جدي.
أما أنا اليوم... فلدي جواز سفر... وددت لو يتخلى عني ... لو عنه تخليت. لدي "بيت"... بلا سقف ... بنصف حيط... لدي أبناء... ذهبوا حيث لا أعلم ... ربما حيث الشمس فعلا تشرق... أو ربما الى حيث لا شيء ... لدي كل ما لدي.... وطن حر... مستقل... و علم أرفعه دون أن يشارعني أحد في شرعيته... لدي لغة لم يسرقها أحد مني... و أغان فلكلورية لا تزال في قاموسنا... أنا حر... العالم لا يراني الا حرا... لكن...
سلبوني حقي في الحياة... في أن أرى أبنائي يكبرون... لأبيعهم في أول مزاد... أهون علي أن أغرق على حدود وطني و أرى كفني يمسح دموع أمي... من أن أبقى فيه ... و أنا أعلم أنه يتسع لي... و لا يسعني!!! أمسكوني ... و دعَوْني خائن.... لماذا لم يسألوني ... أين كانت شمس بلادي عندما كانت يدا طفلي ترتعش بردا؟ تاريخي يشرفني... و لكنهم سلبوني حق أن أقرأه... أن أرفع رأسي و أنده باسمه.
وجدتني أنظر بالمراّة.... فقط لأيقن أنني أعيش على أنني نصف انسان. لأرى أن وجهي يحمل علامات سنين .. لم اتجاوز نصفها...
لم أجد مما يطفئ ناري سوى نارا توقد بشعبي شرارة لو سالت دمائي...
أبكي اليوم ... لا لأنني ولدت فقيرا... و لا لأنني أعيش فقيرا... بل لأنهم سلبوني الحق بالأحلام ... و انتظروا مني أن أنام ... أعطوني لحافا أتغطى به.... و لكن أين البيت.... أعطوني دستورا ... أعرف به.... و لكنني لا أفهم من هذه الحروف شيئا....
سلبوني حق ... أن أرى في الشمس حرية.... أن أرى في القمر جمال...سلبوني كل ما يجعل من الانسان انسان. و توقعوا مني أن أكون مواطن... في وطن جعل من جسدي رماد... و لم يعلن حتى الحداد.