أحبك ... أنت تعلم ذلك... أنت معنا... و أنا أعلم ذلك.
أغلب من يسجد في المساجد.. و يخدم في الكنائس سيتأفأف من حديثي هذا... و سيطالبونني بالسمو عن هذه الحياة ... و عما على هذه الأرض... و لأنني أعلم و أؤمن ... أو أرغب بالايمان بأن أحدا منهم لا يمثلك... فسلبية الانسان ليست من عظمة الخالق ... و غطرسة بني ادم ليست من رعاية الاله... و ظلم بني البشر ليس من عدل الرب... ناهينا عن طرشٍ أخذ بنا جميعا الى الهاوية... أو لربما أخذ بالأطفال الذين يصرخون ليلاً صوت الجرافات و القنابل...
لم أءت بصفاتك من محض خيالي الذي كان واسعا... فأصبح يبدو كزقاقاً ضيقا بين شوارع مدينة الواقع البائس الواسعة. قرأت القران و الانجيل, عهدا قديما و جديد ... أسفارا عبرية و يونانية... و وجدك تتكلم عن الظلم, و القهر, و الجوع, و العطش, و الطغيان, ووجدتك تبشر من رأف بأخيه الانسان... أأخطأت الفهم.... أم فاتتني بعض الاصحاحات و السور؟
سيتساءل العالم... أأستنكر أم أستفهم؟ أنا أسأل جلالك... فقط لأُسمع بني البشر... الذين يللبسون الجلابيب و العمائم و القلنسوات و يرتادون حلقات القران و دروس الكتاب المقدس... يجتمعون أمام وجهك طالبين الرحمة و المغفرة ... ربما عن قبلة عابرة... أو سرقتهم لورقة نقدية تُركت على عتبات بوابة منزل مهجور... أو كأس ماء شربوه سهوا في يوم صوم ... "يسمون" عن هذه الأرض بما فيها من مادة و مال ... و يصبحون أكثر "روحانية", فيسألونك صرف النظر عن قطرة الماء و نصف القرش... كما يغضون البصر هم عن مجازر استهدفت الأطفال و النساء... فالأرواح المسلوبة كنصف القرش المسروق... و حروق الأجساد تُشفى بسرعة القبلة الخاطفة.
استنكرت كتبك المقدسة القتل و القتال ... فاستنكروا صورة الطفل حامل البندقة المزيفة... و تناسوا أن هؤلاء الأطفال لم يروا السلام الذي أقنعهم به رجال الدين في محافلهم الدينية . بصمْتهم ... وقفوا مع القاتل... ألست القائل ... "لا تقتل" ... "من قتل نفس بغير حق كمن قتل الناس جميعا"... وقفوا مع القاتل ... حامل البندقية الموجهة نحو الأطفال... أحباب الله ... الذين لأجلهم ملكوت السماء...
حقا سئمت ... أن أتبع اماما أو قسيسا ينحني أمام قاتل أخي ... ان طرقت باب معبد(ه) ألهى نفسه بأذكار الصباح و المساء... أو اشعال شمعة ... سئمت من أشباه رجال كلما طالت لحاهم تلاشت حكمتهم... و نساءا كلما ستروا رؤوسهم ضعف عقلهم... سئمت حديثهم عن قداسة العذرية ... و ذاك الغشاء ينتهك هنا و هناك ... و الطفلة تيكي... و لكن للشموع أصوات و لحبات السبحة طَرق قد يطرش الأُذن... سئمت حياتهم الجميلة المليئة بالورود و الطيور... بنوا في مخيلتهم جنة بطول و عرض... سكنوها و نسوا دورهم على هذه الأرض... سئمت تمثيلهم مشهد صلب الفادي و البكاء... سئمت صيامهم النهار من أجل الفقير ليعيشوا ملوكا في المساء... يفعلون كمن يلبس رداء راهب و هو زير نساء...
أعلم أنني قد أكون اخر من يصدر فتاوى و يقف أمام الهيكل ليعطي المواعظ... و لكنني يا "مؤمن" مثلك... أؤمن ... خلقني ذات من خلقك... تلقيت صفحة على خدي الأيسر.. فقدمت الأيمن ... و سمعت كلامكم عن المحبة التي تقطر من السماء... و حقا رفعت رأسي لأنظر عما تتكلمون... و السماء صافية ها هنا... و لكنني تجرأت بأن أفتح التلفاز على قنوات الأخبار ساعة ... فوجدت شعوبا لا تنتظر من فوق رؤوسها الا الصواريخ و القنابل... أعجبتني روحانية ابتهالاتكم و ترانيمكم... و لكن صريخ الأطفال يطاردني...ألا تزال تؤمن بوعظاتكم المحتكرة على ما تحت أقدامكم و ما فوق رؤوسكم؟ ألازلت تضيء شمعة و تقرع بسبحتك لتسكت هذه الأصوات؟
عشقتم الحديث عن جنة الدنيا ... لأنكم ضمنتم جنة السماء؟... و تجاهلتم نار الدنيا... لأنكم ضمنتم السلام من نار الجحيم؟